هوامش حرة : كرامة الوطن‏..‏ وكرامة المواطن

هوامش حرة



كرامة الوطن‏..‏ وكرامة المواطن



يكتبها‏:‏ فاروق جـــويـدة







أصبح من الضروري أن تكون لنا وقفة حاسمة مع سفارات الدول الأجنبية في مصر التي يقف أمامها المواطن المصري وهو يشعر بكل ألوان المهانة حيث الاستجوابات والرسوم والرفض والقبول كل ذلك من أجل الحصول علي تأشيرة دخول للزيارة‏..‏ إن ما يتعرض له المواطنون المصريون في السفارات الأجنبية خاصة الدول الأوروبية وأمريكا أمر يتنافي تماما مع كل الأعراف والمواثيق الدولية‏..‏ يحدث ذلك وسفاراتنا في الخارج تفتح أبوابها كل يوم لسياح الدولارات الخمسة الذين يقضون في المحروسة عشرة أيام كاملة مقابل حفنة من الدولارات يتنقلون بين الشمال والجنوب وهم لا يدفعون شيئـا‏..‏ إن هناك تجاوزات كثيرة في التعامل مع المواطن المصري في لغة المخاطبة والطوابير أمام الأبواب المغلقة وبعد ذلك كله الرسوم المبالغ فيها لأسباب غير معروفة‏..‏



منذ حدثت كارثة‏11‏ سبتمبر في أمريكا والسفارات الغربية في مصر تتعامل بصورة غريبة مع المواطنين الراغبين في السفر مهما كانت أسباب ومبررات سفرهم‏..‏ وربما كانت هناك أسباب جعلت هذه السفارات تضع ضوابط للسفر إليها وهو أمر مقبول من حيث المبدأ‏..‏ ولكن الأمور ساءت وتمادت هذه السفارات في اتخاذ إجراءات تعسفية ضد المواطنين أبسط ما فيها أنها لا تحترم كرامة المواطن الذي يسعي للحصول علي تأشيرة‏..‏ كانت أحداث سبتمبر من أهم الأسباب التي جعلت السفارات تغلق أبوابها في وجه كل ما هو عربي وكل من هو مسلم ومع زيادة درجة الرفض الشعبي أمام إعلام حاول تشويه كل ما هو عربي ومسلم ظهرت ردود أفعال رسمية انعكست علي موقف السفارات الأجنبية في مصر‏..‏



وفي الوقت الذي كانت فيه مصر تسعي إلي تهدئة الأجواء وتجاوز المحنة كانت التجاوزات من جانب السفارات في التعامل مع المصريين تزداد كل يوم‏..‏ وعلي سبيل المثال فقد أغلقت مصر عددا كبيرا من الشوارع في منطقة جاردن سيتي من أجل حماية السفارة الأمريكية ووضعت حراسات مشددة علي كل السفارات الأخري بل انها منعت مواطنيها من ممارسة حقهم الطبيعي في المشي أو الشراء والبيع في عدد كبير من المتاجر في هذه المناطق‏..‏ وحاولت مصر بكل الوسائل أن تفتح أبوابا للحوار في كل المجالات علي المستوي السياسي والفكري والثقافي‏..‏ أقامت أكثر من مؤتمر لحوار الحضارات وأرسلت وفودا كثيرة إلي دول العالم تشرح للمواطنين في هذه الدول الفكر الحقيقي للإسلام وفتحت أبوابها لعشرات الوفود التي زارت مؤسساتنا الدينية والسياسية بما في ذلك الجامعات ومؤسسات المجتمع المدني‏..‏ وقام الإعلام المصري بدور كبير في إظهار الصورة الحقيقية للإسلام من خلال فتح أبواب لحوار مستنير يسعي للمكاشفة وتبادل الأفكار والآراء‏..‏



علي جانب آخر كانت مصر تشجع السياحة الخارجية وقدمت شركات السياحة المصرية عروضا غير مسبوقة لأفواج سياحية تدفع مبالغ زهيدة وتزور كل مواقعنا السياحية والتاريخية في كل أرجاء المحروسة‏..‏ لقد زارت مصر وفود سياحية لم يتجاوز ما يدفعه الفرد فيها مبلغ‏1500‏ دولار تشمل تذكرة السفر وإقامة لمدة أسبوع كامل في فنادق خمسة نجوم‏..‏ ان هذا المبلغ الضئيل لا يستطيع مواطن مصري أن يقضي به ثلاث ليال في فندق كبير‏..‏ في هذا الوقت الذي تسعي فيه مصر إلي فتح آفاق أوسع للتعاون مع الدول الغربية ثقافيا وسياسيا كانت سفارات هذه الدول وبناء علي تعليمات منها تعامل المصريين بصورة لا تليق‏..‏ لقد أصبح الحصول علي تأشيرة دخول يحتاج إلي شهور كاملة في بعض السفارات‏..‏ ولا يقل عن أسبوعين أو ثلاثة‏..‏ وارتفعت قيمة الرسوم وأصبحت بالاف الجنيهات هذا بخلاف المقابلات والامتحانات والتحريات البوليسية‏..‏ وعمليات التفتيش بالكلاب البوليسية داخل بلادنا‏..‏



والأغرب من ذلك هو أسلوب التعامل الذي تتبعه هذه السفارات من خلال موظفيها الذين يفتقدون اللياقة في طريقة استقبالهم أو استجوابهم للراغبين في السفر من المصريين‏..‏ وللأسف الشديد فإن ذلك يحدث علي أرضنا وبين موظفيها ومنهم المريض أو المسافر للتعليم أو التجارة أو زيارة قريب أو صديق‏..‏ أن السفارات لا تنظر لأسباب السفر ولكنها تضع شروطـا وقواعد لا تراعي فيها ظروف المسافر وأسباب سفره‏..‏



علي الجانب الآخر نجد السفارات المصرية في الخارج تفتح أبوابها بكل الترحيب لمن يريد الزيارة‏..‏ وفي تقديري أن الأمر يحتاج الآن إلي تصعيد علي المستوي السياسي بحيث تدرك هذه الدول أن الدولة المصرية ترفض هذا الأسلوب في التعامل مع مواطنيها وعلي أرضها‏..‏ اننا جميعا نعلم ما حدث مع قداسة البابا شنودة في زيارته لانجلترا وتفتيشه في المطار ونعلم الموقف الإيجابي الذي اتخذه وزير خارجيتنا أحمد أبو الغيط عندما ألغي سفره إلي أمريكا عبر مطار لندن وينبغي أن تتكرر هذه المواقف الإيجابية وأن تشعر هذه الدول بأن مثل هذه التجاوزات في التعامل أمر مرفوض بل قد يصل إلي درجة التعامل بالمثل‏..‏ وإذا كانت هذه الدول تهين مواطنينا في مطاراتها فلا ينبغي أن نسمح بذلك علي الأرض المصرية‏..‏ أننا نحترم حق كل دولة في السماح أو عدم السماح بزيارتها ولكن لا ينبغي أن يكون ذلك علي حساب كرامة الناس وحقهم في الاحترام‏..‏



ان كل من يشاهد الطوابير التي تقف أمام شبابيك السفارات وأسلوب التعامل وطريقة الحديث يطالب بوقفة حاسمة من وزارة الخارجية تجاه هذه السلوكيات‏..‏ انني أعلم أن وزير الخارجية أحمد أبو الغيط يولي هذه القضية اهتماما خاصا ولكن المطلوب الآن هو وضعها علي جدول أي مفاوضات تجري بيننا وبين الدول الغربية وإذا لم تصل إلي حل فيجب أن تكون المعاملة بالمثل علي الأقل في رسوم الدخول ومدة الزيارة والإجراءات الإدارية التي ينبغي أن نتمسك بها لأن كرامة الوطن من كرامة مواطنيه‏..‏


‏fgoweda@ahram.org.eg‏






..‏ ويبقي الشعر





مثـل النـوارس‏..‏

لا أحلـق في الظـلام‏..‏

ولا أحب قوافل التـرحال‏..‏

في اللـيـل الطـريد



مثـل النـوارس‏..‏

لا أخاف الموج

حين يـثـور في وجهـي‏..‏ ويشطـرني

ويبدو في سواد اللــيل كالقـدر العـتيد



مثـل النـوارس‏..‏

لا أحب حدائق الأشجار خـاويـة

ويطـربنـي بريق الضوء

والموج الشريد



مثـل النـوارس‏..‏

لا أمل مواكب السفـر الطـويل‏..‏

وحين أغـفـو ساعة

أصحو‏..‏ وأبحر من جديـد


‏ قصيدة مثل النوارس سنه‏1997‏

Mostafa Abdel-Hafeez

طالب بكلية الخدمة الإجتماعية جامعة الفيوم هاوي قراءة الشعر والمقالات

أحدث أقدم

Blog ads