لكل عمر مرايا

مازلت اركض فى حمى كلماتى

الشعر تاجى والمدى ملكاتى

اهفو الى الزمن الجميل يهزنى

صخب الجياد وفرحة الرايات

مازلت كالقديس انشر دعوتى

وابشر الدنيا بصبح ات

مازلت كالطفل الصغير اذا بدا

طيف الحنان يذوب فى لحظات

مازلت اعشق رغم ان هزائمى

فى العشق كانت دائما ماساتى

وغزوت افاق الجمال ولم يزل

العشق عندى اجمل الغزوات

واخترت يوما ان احلق فى المدى

ويحوم غيرى فى دجى الظلمات

كم زارنى شبح مخيف صامت

كم دار فى راسى وحاصر ذاتى

واظل اجرى ثم اهرب خائفا

واراه خلفى زائغ النظرات

قد عشت اخشى كل ضيف قادم

واخاف من سفه الزمان العاتى

واخاف ايام الخريف اذا غدت

طيفا يطاردنى على المرآة

مازلت رغم العمر اشعر اننى

كالطفل حين تزورنى هفواتى

عندى يقين ان رحمة خالقى

ستكون اكبر من ذنوب حياتى

سافرت فى كل البلاد ولم اجد

قلبا يلملم حيرتى وشتاتى

كم لاح وجهك فى المنام وزارنى

واضاء كالقنديل فى شرفاتى

وامامى الذكرى وعطرك والمنى

وجوانح صارت بلا نبضات

ما أقصر الزمن الجميل سحابة

عبرت خريف العمر كالنسمات

وتناثرت عطرا على ايامنا

وتكسرت كالضوء فى لحظات

ما أصعب الدنيا رحيلا دائما

سئمت خطاه عقارب الساعات

آمنت فى عينيك انك موطنى

وقرأت أسمك عند كل صلاة

كانت مرايا العمر تجرى خلفنا

وتدور ترسم فى المدى خطواتى

شاهدت فى دنس البلاط معابدا

تتلى بها الآيات فى الحانات

ورأيت نفسى فى الهواء معلقا

الارض تلقينى الى السموات

ورأيت اقدار الشعوب كلعبة

يلهو بها الكهان فى البارات

ورأيت اصناما تغير جلدها

فى اليوم آلافا المرات

ورأيت من يمشى على احلامه

وكأنها جثث من الأموات

ورأيت من باعوا ومن هجروا ومن

صلبوا جنين الحب فى الطرقات

آمنت بالانسان عمرى كله

ورسمته تاجا على ابياتى

هو سيد الدنيا وفجر زمانها

سر الاله واقدس الغايات

هو ان سما يغدو كنجم مبهر

واذا هوى ينحط كالحشرات

هل يستوى يوم بكيت لفقده

وعذاب يوم جاء بالحسرات

هل يستوى صبح اضاء طريقنا

وظلام ليل مر باللعنات

هل يستوى نهر بخيل جاحد

وعطاء نهر فاض بالخيرات

ايقنت ان الشعر شاطئ رحلتى

وبأنه عند الهلاك نجاتى

فزهدت فى ذهب المعز وسيفه

وكرهت بطش المستبد العاتى

وكرهت فى ذهب المعز ضلاله

وخشيت فى سيف المعز مماتى

ورفضت أن أحيا خيالا صامتا

او صفحة تطوى مع الصفحات

واخترت فى صخب المزاد قصائدى

ورفضت سوق البيع والصفقات

قد لا يكون الشعر حصنا آمنا

لكنه مجد بلا شبهات

الآن اشعر ان آخر رحلتى

ستكون فى شعرى وفى صرخاتى

تحت التراب ستختفى القابنا

لاشئ يبقى غير طيف رفات

تتشابك الأيدى وتنسحب الرؤى

ويتوه ضوء الفجر فى الظلمات

وترى الوجوه على التراب كأنها

وشم يصافح كل وشم آت

ماذا سيبقى من بريق عيوننا

لاشئ غير الصمت والعبرات

ماذا سيبقى من جواد جامح

غير البكاء المر ...والضحكات

أنا زاهد فى كل شئ بعدما

اخترات شعرى واحتميت بذاتى

زينت ايامى بغنوة عاشق 

وأضعت فى عشق الجمال حياتى

وحلمت يوما ان اراك مدينتى

فوق السحاب عزيزة الرايات

ورسمت اسراب الجمال كأنها

بين القلوب مواكب الصلوات

قد قلت ما عندى ويكفى أننى
 
واجهت عصر الزيف بالكلمات

فاروق جويدة 2002
Mostafa Abdel-Hafeez

طالب بكلية الخدمة الإجتماعية جامعة الفيوم هاوي قراءة الشعر والمقالات

أحدث أقدم

Blog ads