أفيدونا‏..‏ أفادكم الله

هوامش حرة

أفيدونا‏..‏ أفادكم الله

يكتبها‏:‏ فاروق جـــويـدة



 
مازال الرأي العام شديد الانقسام حول قضية بيع بنك القاهرة من حيث المبدأ ومن حيث الهدف والغاية‏..‏ ويبدو أن الحكومة لن تتراجع في قرار البيع وإن كنت أعتقد أن قرار بيع بنك القاهرة يغطي جريمة أكبر وهي حجم القروض التي ضاعت علي البنك وتسربت إلي حسابات رجال الأعمال الهاربين منهم والمقيمين البعض يقدرها بمبلغ‏27‏ مليار جنيه والبعض الآخر يقفز بهذا المبلغ إلي أكثر من‏40‏ مليار جنيه وهناك من يري أن القروض الضائعة أكثر من ذلك بكثير وإن كان الرقم الحقيقي عند الحكومة في كشف صغير لا يتجاوز عدد الأشخاص فيه‏20‏ شخصا وربما أقل‏..‏

لقد فوجئت يوم الجمعة الماضي بإعلان في جريدة الأهرام يحمل اسم بنك القاهرة عن مزاد لبيع مساحات من الأراضي‏..‏ وكان السؤال البديهي الذي دار في رأسي وماذا عن قرار دمج هذا البنك المنحوس في بنك مصر‏..‏ واستيلاء بنك مصر علي فروعه‏..‏ ولهذا كان الغريب في الأمر أن الإعلان في الاهرام حمل اسم الإدارة العامة لأمناء الاستثمار ببنك القاهرة‏..‏ ماذا يقول الإعلان‏..‏

إن الإعلان عبارة عن مزاد لبيع خمس قطع من الأراضي لحساب البنك مساحتها أكثر من‏280‏ ألف متر مربع أي أكثر من‏70‏ فدانـا في منطقتين هامتين هما مدينة نصر ومدينة الغردقة‏..‏ والإعلان جاء علي النحو التالي‏:‏

يعلن بنك القاهرة عن مزاد لبيع‏121‏ ألف متر مربع بالمنطقة الثانية عشرة بمدينة نصر بشرط أن تباع‏'‏ كصفقة واحدة‏'..‏ وتعقد جلسة المزاد يوم الأحد

‏2-9-2007‏ أما القطع الأخري التي شملها إعلان المزاد فكانت علي النحو التالي‏:‏

‏44‏ ألف متر في مدينة الغردقة تقع في مركز الغردقة السياحي و‏28‏ ألف متر وسط مدينة الغردقة و‏63‏ ألف متر بجوار قرية جرين بيتش في الحي السياحي بالغردقة و‏25‏ ألف متر بجوار مطار الغردقة هذه هي آخر الصفقات التي حملت اسم بنك القاهرة المعروض حاليا للبيع‏..‏ وإذا افترضنا فرضـا أن سعر متر الأرض في مدينة نصر سيكون نفس سعر مزاد وزارة الإسكان في أراضي القاهرة الجديدة وهو‏4000‏ جنيه للمتر فنحن أمام‏480‏ مليون جنيه وإذا كان سعر المتر عشرة آلاف جنيه فنحن أمام مليار وربع مليار جنيه وإذا كان سعر متر الأراضي في الصفقة الثانية في مدينة الغردقة هو‏2000‏ جنيه فقط للمتر فنحن أمام مبلغ‏320‏ مليون جنيه وهذا يعني أن إعلان بنك القاهرة عن مزاد لبيع الأراضي يقترب بل يزيد علي مبلغ مليار ونصف مليار جنيه‏..‏ والسؤال الآن هل يبيع البنك هذه الأراضي لحسابه أم يبيعها لحساب أحد العملاء ومن هو هذا الأحد أم إنها ضمانات عينية لقروض يحاول البنك تحصيلها ببيع هذه الأراضي‏..‏ وهنا يجب أن نطرح أكثر من سؤال‏:‏

*‏ نحن أمام بنك مفلس كما تدعي الحكومة وتريد بيعه لسداد ديون مستحقة عليه‏,‏ وعلي الدولة فلماذا تصفي ممتلكات البنك قبل طرحه للبيع وهل من الأفضل أن يباع البنك بأصوله أم الأفضل هو بيع الأصول أولا‏..‏ ومن صاحب القرار في ذلك كله وهل هو قرار أفراد أم قرار سلطة ودولة مسئولة‏..‏

*‏ إذا كانت الحكومة تدعي أن أموال البنك ضاعت في قروض ميتة أو متعثرة أو هاربة فبماذا نفسر عرض هذه المساحات الشاسعة من الأراضي للبيع في مزادات وهل هي ملك للبنك كأصول ثابتة أم ملك للعملاء كضمانات عينية وهل من حق البنك أن يعرضها للبيع دون موافقة أصحابها الأصليين حتي لو كانوا مدينين للبنك وما هي ضمانات الشفافية في ذلك كله‏..‏

*‏ إذا كانت هذه المساحة من الأراضي وهي حوالي‏280‏ ألف متر تخص شخصا أو عدة أشخاص وتزيد قيمتها الآن علي مليار ونصف مليار جنيه فكيف حصلوا عليها ومتي وما هي مسوغات ملكية هذه الأراضي التي قدم البنك قروضا لأصحابها وما هو حجم هذه القروض باختصار شديد ماذا وراء هذه القصة لأنه لا يوجد شيء في مصر الآن بلا ذيول‏..‏


*‏ نحن الآن أمام قضية شائكة في هذا الإعلان بالذات لأن فيه أكثر من طرف نحن أمام حكومة تبيع بنكـا وبنك يدعي الإفلاس وإعلان لبيع أراض لحساب البنك أو لحساب عملاء مدينين أو متعثرين في السداد ونحن قبل هذا أمام رأي عام يرفض ذلك كله لأن البنك ليس ملكـا للحكومة وهو لا يملك أن يبيع أرضـا حصل عليها أصحابها في ظل مخالفات وتجاوزات وكل ما قام علي باطل فهو باطل‏..‏ فمن يحكم في ذلك كله‏..‏


*‏ لا أجد مبررا لعرض كل هذه المساحات من الاراضي في مزاد واحد خاصة أن المساحة الاهم والأكبر في مدينة نصر مزادها مشروط بأن تباع في صفقة واحدة فلماذا هذا الإصرار علي البيع في صفقة واحدة‏..‏ وأيهما أفضل في السعر أن تباع في صورة قطع مجزأة أم تباع كقطعة واحدة رغم مخاطر ذلك‏..‏ والأخطر من ذلك كله كيف يعلن البنك عن المزاد يوم‏31‏ أغسطس ويقيم المزاد يوم‏2‏ سبتمبر أي أن هناك يوما واحدا يفصل بين الإعلان وموعد البيع فمن ياتري يستطيع تدبير مليار جنيه في يوم واحد‏..‏

إن القطع الخمس المعروضة للبيع تمت مزاداتها خلال أربعة أيام فقط ما بين‏2-9‏ و‏6-9‏ فلماذا كل هذه السرعة وكل هذه العجلة في بيع هذه الأصول سواء كانت تخص البنك أو تخص أحد العملاء فيه‏..‏

لا أريد أن أصل إلي درجة التشكيك في هذه الصفقة ولكن ما حدث في صفقات سابقة يجعلنا أكثر حذرا والسؤال هو‏..‏ هل تم بيع هذه الأراضي بالفعل وأن الإعلان مجرد تغطيه في الإجراءات مثل تعيينات الحكومة التي توزع في السر قبل الإعلان عنها وإذا كان البيع قد تم في المزاد أو قبله أو بعده فهل يعلن البنك ذلك للرأي العام‏..‏

إن الشفافية أول المقومات التي تقوم عليها هيبة الدولة التي تحدثت عنها في الأسبوع الماضي وما أكثر ما تحدثنا عن الشفافية والتي نتشدق بها في كل المناسبات وبقيت الأقوال تتناقض تماما مع كل ما نفعل‏..‏

 
هل أجد إجابة لدي المسئولين عن هذه التساؤلات‏:‏

لماذا يجري هذا المزاد الآن لحساب بنك القاهرة في مساحة مخيفة من الأراضي‏..‏ وهل انتهي المزاد وكيف تم وما هي حصيلة هذه الصفقة وأين ذهبت ولحساب من أضيفت ؟

 
هل هذه المساحة من الأراضي ملك لبنك القاهرة أم لأحد عملاء البنك‏..‏ ومادام المزاد قد تم فهو لا يعتبر سرا بنكيا ويجب إعلان كل شيء عن هذه الصفقة الغريبة‏..‏

هل سيتخلص بنك القاهرة من كل الأصول التي يملكها قبل عرضه للبيع وهل من الافضل أن يباع بأصوله أو يباع فقط ببعض هذه الأصول ومعها اسمه ورخصته‏..‏ وإذا كان البنك قادرا علي تسوية أوضاعه وإصلاح أحواله ببيع بعض الأصول التي آلت إليه من الهاربين والمتعثرين فلماذا يباع البنك كله‏..‏

 
ومازلنا نتحدث عن شيء غائب اسمه هيبة الدولة أمام غياب ما يسمي بالشفافية‏..‏ أفيدونا أفادكم الله‏..‏


 


 
ويبقي الشعر

في ليـلة حزن وحشيه

امرأة في ليلة حزن

تعبر في صخب العربات



وأنا واللــيل وقنـديل‏..‏ وطريق مات

ما عاد يحس بأقـدامي

كم كان يطل فيعرفـني



يسمع خطواتي إن عبرت بين الخطـوات

يعرف فرحتـها حين تطير

ولهفتها لحبيب آت



يعرف أنفاسي إن هربت منـها النـبـضات

يبكي أحيانـا من حزني

ويداوي جرحي بالضحكات



وكثيرا ما أنس لوجهي

وتـسـلــي عنـدي بالساعات

والآن أراه بلا قلـب



لا يعرف من عبروا فيه

لا يذكر من عشقـوا فيه

أحياء كانـوا‏..‏ أم أموات



فالدرب الصامت مسجون مثــل الكلمات

‏'‏ من قصيدة في ليلة عشق سنة‏2001'‏


Mostafa Abdel-Hafeez

طالب بكلية الخدمة الإجتماعية جامعة الفيوم هاوي قراءة الشعر والمقالات

أحدث أقدم

Blog ads