لقاء مع رئيس مجلس الوزراء

هوامش حرة

لقاء مع رئيس مجلس الوزراء

يكتبها‏:‏ فاروق جـــويـدة



دعاني د‏.‏ أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء إلي فنجان قهوة في مكتبه بمجلس الوزراء‏..‏ كانت المرة الأولي التي أجلس فيها مع د‏.‏ نظيف وكانت عندي أفكار كثيرة مسبقة عن شخصية الرجل‏..‏ أنه قليل الكلام‏..‏ ولا يتفاعل كثيرا مع لعبة الأضواء ولا يجيد التعامل معها وتغلب عليه روح العالم أكثر من رجل السياسة لأنه قليلا ما تحدث في القضايا السياسية‏..‏ وكنت أشعر دائما أن رئيس الحكومة يعيش حياته بين رقمين أثنين فرضتهما عليه ظروف المرحلة واعباؤها وهما الموارد‏,‏ والنفقات وكيف يوائم بينهما كل الوقت و أنه مثل رب الأسرة الذي يحسب كل يوم ما جاء وما ذهب‏..‏ وحين جلست إليه وجدت رجلا بشوشا مجاملا متواضعا ورغم صراحته الشديدة فهو يفكر كثيرا قبل أن ينطق كلمة واحدة‏..‏


*‏ قلت لرئيس الحكومة أريد أن أتحدث معك في أشياء كثيرة تبدأ بالثقافة وتنتهي عند رغيف الخبز مرورا بأحوال صاحبة الجلالة‏..‏ فهل نبدأ بالثقافة أم بالرغيف‏..‏ شاهدت بالأمس مع الرئيس مبارك وضيوفه من القادة العرب حفل افتتاح دورة الرياضة العربية تحت علم الجامعة العربية بيت العرب ألم تشعر أن هناك أشياء تبدو صغيرة في حياتنا ولكنها بعيدة اأثر‏..‏ احتفالية لمدة ساعتين وعرض فني بسيط وجميل أشرفت عليه بنجاح قواتنا المسلحة والمجلس الأعلي للرياضة أعاد جسورا كثيرة من التواصل بين الأشقاء الذين فرقتهم السياسة ووضع مصر في مكانها ومكانتها في قلب أمتها العربية رغم كل الظروف الدولية التي تحاول تهميش هذا الدور لماذا اهملنا الجانب الثقافي في حياة المصريين‏..‏ أن هذا الدور يسمي في لغة الكمبيوتر التي تجيدها أنت‏'‏ السوفت وير‏'‏ أي القوة الناعمة كانت احتفالية الدورة الرياضية أهم وأكثر تأثيرا من عشرات الاجتماعات واللقاءات والخصومات والأهم من ذلك كله أنها أعادت لنا وجها جميلا للثقافة المصرية والفن المصري الجميل بكل جوانب المتعة فيه‏..‏


*‏ قال‏:‏ أتفق معك تماما في ذلك وقد عادت بنا هذه الاحتفالية إلي ذكريات شبابنا في أغانيها ومشاعرها وذكريات أيامها وقد قال لي الرئيس اليمني علي عبد الله صالح ونحن نشاهد الحفل أن الاحتفالية التي عشناها في ساعتين حملت مشاعر سنوات طويلة من التواصل والمحبة‏..‏ ولابد أن أعترف أن المكون الثقافي في مصر تراجع وأن المشاكل والأزمات المادية طغت علي حياتنا في كل شيء بصورة قاسية رغم أن الدور الثقافي المصري من أهم وأبرز جوانب التميز والتفرد في الشخصية المصرية أنه جانب لا ينافسنا فيه أحد فنـا وأدبا وفكرا وإبداعا ولكن المشاكل المادية اغرقتنا واستهلكت أوقاتنا بضراوة ويبدو أننا أعتدنا ذلك وفقدنا حتي مجرد القدرة علي أن نستمتع بأشياء كثيرة حولنا‏..‏



أن أبناءنا لا يذكرون الأغاني الجميلة التي سمعناها وعشناها ولا يعرفون عنها شيئـا رغم أنها تراث جميل وعزيز وراق أمام أشياء كثيرة ينبغي ألا نسمعها أو نراها وبجانب هذا فإن أبناءنا لا يقرأون رغم أن هناك مشروعا ضخما هو مكتبة الأسرة الذي رعته السيدة سوزان مبارك إلا أن نسبة القراءة بين الأجيال الجديدة محدودة وربما كانت وسائل المعرفة الحديثة هي السبب في ذلك ومنها النت والكمبيوتر وهذه ظواهر تستحق الدراسة والبحث‏..‏


*‏ قلت‏:‏ ولكن المجتمعات الغربية مازالت تقرأ رغم أن هذه الوسائل الحديثة أكثر تأثيرا في حياتهم‏..‏ ويبدو أن المشكلة الحقيقية أننا شعوب لا تقرأ‏..‏


*‏ قال‏:‏ مازال الكتاب يحتل عرشه في الدول الغربية وإذا شاهدت السائحين الأجانب في شرم الشيخ والغردقة تجدهم يقرأون في كل الأوقات رغم أنهم جاءوا في إجازة‏..‏ لابد أن أعترف أن الجانب الثقافي تراجع في حياتنا في السنوات الأخيرة ولابد أن نناقش ذلك بصراحة وأنا لا أمانع في طرح هذه القضية في مؤتمر عام يشارك فيه المثقفون والمهتمون بالثقافة حول مستقبل الثقافة المصرية‏,‏ وكيف تستعيد دورها وبريقها مصريا وعربيا وقبل هذا كله أن نستعيد إحساسنا وتقديرنا لدورنا الثقافي وأهمية الثقافة في حياتنا بصورة عامة‏,‏ لقد كانت الثقافة تمثل جانبا مهما في مكونات الإنسان المصري ويجب أن نحافظ علي ذلك وأنا علي استعداد لأن اتلقي أي مقترحات في هذه القضية لكي تتبناها الحكومة والمؤسسات الثقافية‏..‏


*‏ قلت‏:‏ ألا تعتقد أن الدولة تتحمل الجزء الأكبر من هذا الغياب الثقافي‏..‏ عندما كنت أشاهد اجتماعات الحزب الوطني في الأسبوع الماضي في مؤتمره التاسع لم ألمح مثقفـا واحدا في الحاضرين لا أريد أن أقول إن الشاشة كانت مليئة فقط برجال الأعمال ولكن الثقافة غائبة في برنامج الحزب أيضا هل يمكن أن يكون هناك حزب سياسي بلا ثقافة‏..‏ أكاد أجزم بأن الدولة همشت الثقافة والمثقفين لحساب رجال الأعمال أليس غريبا أن جوائز الدولة وأوسمتها لم توزع ولم نقم لها احتفالية طوال‏17‏ عاما إلا في العام الماضي أليس ذلك إهمالا للثقافة ؟‏..‏


*‏ قال د‏.‏نظيف‏:‏ أستطيع أن أؤكد لك أن الحكومة توفر كل الاعتمادات المالية المطلوبة للمؤسسات الثقافية في الدولة من خلال وزارة الثقافة بكامل هيئاتها في صورة مهرجانات أو لقاءات أو منشآت جديدة نحن لم نبخل علي الثقافة في يوم من الأيام من حيث الأنفاق‏..‏ لقد أفتتحنا عددا كبيرا من قصور الثقافة في الأقاليم وأقمنا عشرات المنشآت الثقافية ورغم هذا فأنا أتفق معك في أن العائد الثقافي أقل بكثير مما أنفقناه في هذه المجالات وهذا نلاحظه بوضوح شديد في المستوي الثقافي والفكري لدي الأجيال الجديدة من أبنائنا أن المردود الثقافي لا يتناسب مع حجم النفقات التي تحملتها الدولة ولهذا لابد أن ندرس كيفية إيجاد هذا التفاعل الخلاق بين المؤسسات الثقافية والإنسان المصري لأن الثقافة في النهاية استثمار بشري ووسيلة للتغيير نحو الأفضل في الفكر والسلوك والرؤي وهنا ينبغي أن نتحدث عن دور المثقفين المصريين بإختلاف توجهاتهم‏..‏ أن المشكلة أيضا أن التكدس الرهيب في جامعاتنا أثر سلبيا علي دورها ومسئوليتها الثقافية في المجتمع وفي تقديري أن الدولة لا تتحمل مسئولية ذلك وحدها ولكن المجتمع كله مسئول عن ذلك‏..‏


*‏ قلت‏:‏ لا أعتقد أن المنشآت الثقافية وحدها تكفي لإيجاد مناخ ثقافي وعلي سبيل المثال في عواصم كثيرة توجد مسارح أكبر وأفخم من المسرح القومي المصري في ميدان العتبة ولكن قيمة المسرح القومي في النجوم الذين وقفوا عليه والمسرحيات التي قدمها والتاريخ الطويل الذي صنعه‏..‏ كما أن شبابنا الحائر بين التطرف هنا وهناك يعاني فراغا دينيا وفكريا وسياسيا تركه عرضة لكل من هب ودب وفي تقديري أن هذا دور مهم للدولة‏..‏ أن الفراغ الثقافي الآن هو أخطر مشاكل شباب مصر إنني أقدر أهمية الاقتصاد والمال والتموين والإسكان والدعم ولكن الثقافة استثمار لا غني عنه‏..‏ لأنه الإنسان‏..‏


*‏ قال‏:‏ لقد ناقشنا هذه القضية في أكثر من مناسبة خاصة عندما كنا نناقش ظاهرة الإرهاب وتوصلنا بالفعل إلي أن من أسبابها الرئيسية حالة الفراغ الفكري التي تعيشها الأجيال الجديدة ولابد أن تنعكس الجوانب الثقافية والفكرية علي حياة الناس وتغير من طريقة تفكيرهم ونظرتهم للحياة والأشياء وهنا يأتي دور المؤسسات الثقافية ورجال الدين والأحزاب السياسية والمثقفون ورجال الفكر‏..‏


*‏ قلت‏:‏ منذ أسابيع قليلة كتبت عتابا لك أنت شخصيا لأنك اجتمعت مع رؤساء تحرير الصحف القومية ولم تدع صحفيا واحدا من الصحف المستقلة‏..‏ وقلت يومها أنني كنت أفضل لو أن د‏.‏نظيف جلس مع زملائنا في الصحف المستقلة وناقش معهم كل القضايا بلا حساسيات‏..‏ ولكنك لم تفعل‏..‏


*‏ قال‏:‏ لقد اجتمعت بهم جميعا أكثر من مرة‏..‏ اجتمعت بهم في اجتماعات عامه شملتهم جميعا‏..‏ واجتمعت مع عدد كبير منهم منفردا وناقشت معهم كل هذه الأمور وقلت لهم بصراحة ووضوح أننا لسنا ضد المعارضة أو الرأي الآخر فليست هناك ديمقراطية وحرية رأي بدون الرأي الآخر‏..‏ ولكن المشكلة الحقيقية أن هناك من يؤمن بأن حرية الرأي تعني أن أعارض رأيك فقط حتي ولو لم أقدم وجهة نظر أخري في المقابل‏..‏



هناك أزمة حقيقية في هذا الجيل من الصحفيين أنه الجيل الذي لم يحصل علي فرصته في الصحف القومية نتيجة بقاء المسئولين في هذه الصحف سنوات طويلة لم تتجدد فيها الدماء ولم تتغير المناصب ووجد هذا الجيل أن يعوض فرصته التي ضاعت في الصحف المستقلة التي خرجت بعيدا عن الصحف القومية وأمام الرغبة في الانتشار والتوزيع لجأت هذه الصحف الوليدة للإثارة حتي تحقق نجاحا في الشارع المصري وقد تحقق لها ذلك بالفعل في فترة من الفترات ولكن أمام غياب المصداقية في أحيان كثيرة واجهت هذه التجربة الصحفية ظروفـا صعبة‏..‏ أنا مع كل نقد يهدف إلي الإصلاح ويحقق الصالح العام‏..‏ صالح البلد مصر‏..‏


*‏ قلت‏:‏ ولكن هذا الصالح العام ليس حكرا علي أحد ويمكن أن نختلف عليه‏..‏ ولا نستطيع أن ننكر أن هذه الصحف طرحت قضايا وناقشت أفكارا وكشفت تجاوزات‏..‏


*‏ قال‏:‏ في أمريكا لا أحد يختلف علي القضايا الأساسية التي تمس أمن الوطن ومصالحه واستقراره وأنا هنا لا أتحدث عن نظام سياسي أدافع عنه أو دولة أعمل من خلالها أو حكومة أرأسها ولكنني أتحدث عن مصالح الوطن التي لا يمكن ولا ينبغي أن نختلف عليها‏..‏ من حق كاتب يساري مثلا أن يهاجم الخصخصة لخلاف فكري أساسي وجوهري ولكن عندما يتحول الهجوم إلي تشكيك في الذمم واتهامات لأشخاص دون أدله وحقائق هنا يمكن أن نختلف‏..‏ حتي في الصحف الحزبية يهاجمون الخصخصة كما حدث في بيع بنك القاهرة رغم أن الحزب يعلن أنه حزب ليبرالي يؤمن بالاقتصاد الحر‏..‏ ماذا نسمي هذا التناقض في الأفكار والمواقف‏..‏


*‏ قلت‏:‏ تحاسبون الصحفيين وتسكتون علي أصحاب الصحف وهذا تناقض غريب في موقف الدولة‏..‏ أن الصحفيين هم الحائط المائل الذي تهدده الدولة دائما بالسجن رغم أن العمل الصحفي مسئولية مشتركة بين حملة الأقلام ومصادر التمويل والملاحظ أنكم لا تقتربون إطلاقـا من أصحاب الصحف والفضائيات لأنهم أبناء الطبقة الجديدة من رجال الأعمال التي تحميها الدولة وتوفر لها كل الإمكانات‏..‏ ألا تجد في ذلك تناقضـا في موقف الدولة بصفة عامة‏..‏ أن النشر مسئولية مشتركة ولكن حين يجيء الحساب يكون من حظ أصحاب الأقلام فقط‏..‏


*‏ قال‏:‏ أنا أحاسب الصحف المستقلة علي درجة المصداقية والثقة ومهما كانت حدة النقد أنا أقبله مادام هدفه الإصلاح وأنا شخصيا ليست لدي حدود للنقد الموضوعي لكنني لا أؤيد أبدا التجريح أو التشكيك أخشي أن يأتي يوم لا تجد فيه وزيرا يقبل تحمل المسئولية أو ينسحب منها أمام موجات الهجوم والتشكيك التي يتعرض لها في كل شيءلأن النقد لا يعني التجريح أبدا‏..‏


*‏ قلت‏:‏ والحقائق‏..‏


*‏ قال‏:‏ إذا كانت هناك حقائق دامغة فهي فوق كل شيء‏..‏ إنني مع كل رأي جاد يقدم لي حلا لمشكلة أو أزمة‏..‏ ومع كل رأي يقدم لي وجهة نظر استفيد منها وأعمل بها ولكن ماذا تفعل إذا وجدت من يكسر أمامك كل الحلول ويشوه كل إنجاز أنا أعترف أن هناك أخطاء وهناك أزمات ومشاكل ومعاناة في حياة الناس أنني أبحث عن كل من يقدم لي حلا لأننا أمام تحديات كبيرة إذا كان للحكومة رأي في قضية فهذا ليس رأيا قاطعا أو نهائيا لا يمنع أن نسمع الرأي الآخر ونعمل به إذا كان الأفضل ولكن المشكلة الآن هي اعتراض دائم علي كل الأراء دون تقديم البديل‏..‏


*‏ قلت‏:‏ مازلت أسأل‏..‏ لماذا الكيل بمكيالين‏..‏ تسجنون الأقلام فقط‏..‏ ولا مسئولية علي أصحاب رأس المال هناك مبدأ التعويضات في جرائم النشر وهو من البدائل الهامة في قضايا النشر‏..‏ وفي تقديري أنه يمكن أن يكون الحل المناسب في مصر الآن‏..‏


*‏ قال‏:‏ هذا جانب يستحق المناقشة والتفكير لابد أن نناقش القضية كلها أنت علي حق في هذه الدعوة وإن كان رأييي دائما أن المجلس الأعلي للصحافة ونقابة الصحفيين مطالبون بتطبيق ميثاق العمل الصحفي علي الجميع‏..‏ وهذه هي الأزمة الحقيقية للصحافة المصرية لقد اجتمعت مع مجلس النقابة بكل أعضائه وشرحت لهم كل هذه القضايا‏..‏ وفي تقديري أن الصحافة المصرية تحتاج إلي سياسة تحريرية واضحة المعالم بما في ذلك علاقتها بالدولة ومواقفها السياسية والفكرية ونوعية القاريء الذي تسعي إليه وهذا الأمر ينطبق علي الصحف القومية والمستقلة معا لابد أن تكون لكل صحيفة توجهاتها السياسية والفكرية التي تميزها عن بقية الصحف الأخري‏,‏ أن سياسة بعض الصحف الحزبية تتعارض تماما مع أفكار الحزب الذي يصدرها وتوجهاته فماذا نسمي هذا التناقض‏..‏ هل يمكن أن أقول لك بمنتهي الصراحة إنني لا أجد مشاكلنا الحقيقية في الصحافة المصرية سواء كانت قومية أو مستقلة‏..‏


*‏ قلت‏:‏ هل تعتقد أن تجربة مصر مع رجال الأعمال كانت ناجحة‏..‏ لقد أنشأت الدولة بخلاف كل الأعراف والتقاليد طبقة جديدة من رجال الأعمال وفرت لهم كل الإمكانات ابتداء بالأراضي وانتهاء بالقروض وكنا ننتظر منهم الكثير خاصة أن البعض منهم تجاوزوا في الإسراف في مظاهر الحياة واعتدوا علي قدسية المال العام في البنوك ولم يقوموا بالدور الاجتماعي والإنساني المطلوب منهم‏..‏


*‏ قال رئيس الوزراء‏:‏ رجال الأعمال عندنا أربعة أنواع‏..‏



النوع الأول‏:‏ رجل أعمال لديه النية والرغبة وليست لديه القدرة وكانت طموحاته أكبر من إمكاناته‏..‏ واقترض الأموال من البنوك وتعثر وفشل وراحت عليه‏..‏



النوع الثاني‏:‏ رجل أعمال‏'‏ حرامي‏'‏ وهذا النوع موجود في كل بلاد العالم ابتداء بإنرون في أمريكا مرورا علي عشرات ومئات النماذج المنحرفة‏..‏ في كل بلاد الدنيا‏..‏



النوع الثالث‏:‏ رجل أعمال عنده روح المغامرة والقدرة ولكن الظروف لم تكن في صالحه‏..‏



أما النوع الرابع‏:‏ فهو رجل أعمال قادر وصاحب فكر ورؤيا وناجح وهذا النوع لدينا منه الكثير‏..‏ ولقد تعاملنا مع النماذج الأربعة كل حسب حالته‏..‏



رجل أعمال لا تتوافر لديه القدرة يترك الإدارة للبنوك التي اقرضته حتي تسترد أموالها‏..‏ أما رجل الأعمال الذي تعثر لظروف خارجة عن إرادته ومنها مثلا تغيير سعر صرف الجنيه فيجب أن تقدم له البنوك الدعم حتي يبدأ مرة أخري ويستعيد توازنه‏..‏ أما رجل الأعمال الحرامي فله القانون والمحاكم‏..‏ أما رجال الأعمال الناجحون وما أكثرهم فلهم ثمار نجاحهم تشجيعا ودعما ماداموا يؤدون دورهم في خدمة مصر لابد أن أعترف أن فترات التحول من الاقتصاد الشمولي إلي الاقتصاد الليبرالي في كل دول العالم كان لها ثمن‏..‏


*‏ قلت‏:‏ في مصر‏..‏ يبدو أن الثمن كان غاليا‏..‏


*‏ قال‏:‏ التحولات الكبري لها ثمن في كل زمان ومكان‏*‏ قلت‏:‏ هل مصر دولة فقيرة‏..‏ لسنا فقراء ولدينا النيل وقناة السويس والزراعة والثروة البشرية‏..‏


*‏ قال‏:‏ مصر في المربع الثالث قبل الأخير فهي لا تدخل في نطاق الدول الأكثر فقرا‏..‏ ولكننا لسنا أغنياء هذه حقيقة‏..‏ ألا أن أهم ما في موارد مصر هو التنوع والثراء الشديد لدينا زراعة‏..‏ وصناعة‏..‏ وأثار وسياحة ولكن بجانب هذا لدينا زيادة سكانية رهيبة تبلغ مليونا و‏300‏ ألف نسمة سنويا ولك أن تتصور هذا العدد الرهيب وما يحتاجه من سكن ورعاية صحية وطعام وشراب وتعليم‏..‏ ورغم هذا أنا متفائل جدا لأن ما حدث في القرية الذكية وما حققته من موارد في أقل من عشر سنوات يجعلها نموذجا قابلا للتنفيذ والنجاح في قطاعات أخري منها الزراعة والصناعة والسياحة وغيرها من الأنشطة الاقتصادية‏..‏ هل تعلم أن ما تم إنجازه في القرية الذكية عمل مصري كامل تمويلا وإنشاء وإدارة وخبرة‏..‏ أن ما حدث من إنجازات في قطاع الاتصالات يمكن أن يتحقق في مجالات أخري كثيرة‏..‏ أن تجربتنا في القرية الذكية جديرة بأن نتوقف عندها ولهذا عندي عتاب علي المثقفين المصريين الذين لم يتابعوا هذه الإنجازات التي صنعتها أيد مصرية وشباب مصري يجب أن نفكر جميعا من أجل مجتمع ومستقبل أفضل‏..‏


*‏ قلت‏:‏ ما هو نصيب الفقراء في ذلك كله‏..‏


*‏ قال‏:‏ إن الحكومة كلها تعمل من أجل محدودي الدخل لأنهم الأغلبية وكل زيادة في الموارد لابد أن تنعكس علي حياة الناس‏..‏


*‏ قلت‏:‏ وما هي آخر أخبار الدعم‏..‏ في خطابك أمام مؤتمر الحزب الوطني قلت إنك قررت بعد دراسة طويلة إلغاء الدعم وتحويله إلي دعم نقدي كيف يتحقق ذلك‏..‏ وكيف يصل هذا الدعم إلي مستحقيه‏..‏


*‏ قال‏:‏ نحن ندرس هذا الموضوع منذ أكثر من عامين وطلبنا من البنك الدولي أن يقدم لنا تجارب سابقة في دول أخري ومنها المكسيك وسوف نبدأ تنفيذ هذا المشروع علي مراحل‏..‏ المرحلة الأولي تبدأ بمن يطلب هذا الدعم النقدي‏..‏ أما المرحلة الثانية فهي البحث الميداني من خلال مؤسسات الشئون الاجتماعية لتحديد من يستحقون هذا الدعم ومن لا يستحقون من خلال استمارة تحدد موقف كل مستفيد‏..‏



إذا كان سعر أنبوبة البوتاجاز‏250‏ قرشا فهي تكلف الدولة‏40‏ جنيها وإذا كانت الأسرة تستخدم أنبوبتين في الشهر فسوف نقدم لها‏80‏ جنيها نقدا وبالنسبة لرغيف الخبز سوف نصرف‏25‏ قرشـا عن كل رغيف تدفع نقدا علي أساس ثلاثة أرغفة لكل مواطن أن الأغلبية من المواطنين الذين يحصلون علي الدعم من موظفي الدولة وهم‏5‏ ملايين و‏500‏ ألف موظف يمثلون‏11‏ مليون أسرة من بين‏16‏ مليون أسرة يستفيدون بالدعم وسوف نبدأ تنفيذ البرنامج من خلالهم أولا هل تتصور أن الفاقد في رغيف الخبز‏30%‏ لا يستفيد منها أحد‏..‏ وسوف يشارك في تنفيذ هذا البرنامج مكاتب البريد وعددها أربعة آلاف مكتب وفروع بنك التنمية الزراعي وعددها الف فرع بجانب فروع البنوك التجارية‏,‏ كل هذه الفروع ستقوم بهذه المهمة تسجيلا وصرفـا ومتابعة أن لدينا‏10.5‏ مليون بطاقة تموين و‏18‏ ألف تاجر تموين وسوف نعتمد علي هذه البيانات في صرف الدعم النقدي حتي يصل بالفعل إلي مستحقيه‏..‏



كانت الساعة قد تجاوزت الخامسة بعد الظهر ونظر د‏.‏ نظيف إلي د‏.‏مجدي راضي وهو يقول لي لابد أن تزور القرية الذكية‏..‏ إنها إنجاز كبير وصورة لمصر المستقبل‏..‏



كان د‏.‏ نظيف واضحا وصريحا ونحن ننتقل من قضية إلي أخري وإن بقيت قضايا كثيرة منعنا الوقت من أن نتحاور فيها‏..‏ خاصة قضية الأسعار هذا اللغم الخطير الذي لم نجد له حلا حتي الآن‏..‏




Mostafa Abdel-Hafeez

طالب بكلية الخدمة الإجتماعية جامعة الفيوم هاوي قراءة الشعر والمقالات

أحدث أقدم

Blog ads