هوامش حرة
السرطان.. الظاهرة.. والأسباب
يكتبها: فـــاروق جـــويـــدة
منذ ثلاثة أسابيع مضت تناولت قضية انتشار مرض السرطان في مصر وقلت يومها إن أخطر ما في الظاهرة أنها تشمل الشباب والأطفال من صغار السن.. وقد طرحت أكثر من سؤال حول هذه الكارثة وهل هناك علاقة بين هذا الانتشار وما نتناوله الآن من أطعمة أو نعاني منه من مظاهر التلوث بكل ألوانه ابتداء بالتلوث السمعي والبصري وانتهاء بتلوث الهواء والماء.. وقد وصلتني ردود أفعال كثيرة ما بين خطابات وتعليقات وتليفونات وكلها تنبه إلي خطورة الظاهرة خاصة في ريف مصر وبين فئات شبابه..
في البداية أتوقف عند تعليق للدكتور محمد عوض تاج الدين وزير الصحة حول هذه القضية.. يقول الوزير:
أريد أن أؤكد أن الإحصاءات في وزارة الصحة وفي المركز القومي لتشخيص الأورام تشير إلي أن معدلات الإصابة بمرض السرطان في مصر لم تتجاوز نسبة الإصابات في دول العالم المختلفة التي حددتها بدقة منظمة الصحة العالمية.. إن نسبة الإصابات في مصر لم ترتفع كما يتصور البعض وهي ما زالت حتي الآن في الحدود الآمنة.. ولكن ينبغي أن نضع أمامنا مجموعة نقاط أساسية ونحن نطرح هذه القضية بصورة علمية:
أولا: إن الزيادة في عدد السكان تنعكس بصورة واضحة علي الزيادة في حجم الإصابات.. لقد زاد عدد السكان في مصر في الأعوام العشرين الماضية بما يزيد علي30 مليون نسمة وهذه الزيادة تعكس زيادة تراكمية في حجم الإصابات بالمرض.. وليس زيادة في النسبة كما يتصور البعض.. إن الذي زاد هو عدد البشر.. وليس نسبة المرض..
ثانيا: هناك زيادة في متوسط عمر الإنسان في مصر.. في الثمانينيات كان متوسط الأعمار يدور في منطقة الخمسينيات من العمر والآن ارتفع هذا المتوسط إلي73 سنة متوسط عمر المرأة و69 سنة متوسط عمر الرجل.. وهناك أنواع من السرطان تنتشر بصورة أكبر في الأعمار المتقدمة.. ولهذا يبدو لنا أن عدد الحالات قد ارتفع علي الرغم من أنه يعتبر شيئا طبيعيا إذا ربطنا ذلك بارتفاع متوسط الأعمار..
ثالثا: هناك طفرة في الاكتشاف المبكر للأورام أمام تقدم وسائل التشخيص الحديثة من المناظير والأشعة والموجات فوق الصوتية ودلالات الأورام هذا بجانب انتشار مراكز التشخيص التي أقامتها وزارة الصحة في مختلف المواقع.. وقد أدي ذلك إلي العلاج الفعال لإصابات كثيرة خاصة في حالات الاكتشاف المبكر للمرض.. وفي زمان مضي كان المريض يصاب ويعاني ويموت دون أن يعرف أحد أنه مصاب بالسرطان وذلك لقصور وسائل التشخيص..
رابعا: أن أسباب مرض السرطان واضحة ومعروفة.. إن سرطان الرئة يأتي بسبب واضح نعرفه جميعا وهو التدخين.. والملاحظ أن ظاهرة التدخين بين الشباب في مصر أصبحت من أخطر الظواهر الصحية.. وإذا رجعنا إلي أرقام استهلاك الدخان في مصر سوف نكتشف هذه الحقيقة وأمامنا ملايين الشباب والأطفال والسيدات الذين يدخنون.. وهناك ظاهرة من أخطر الظواهر السلبية في حياة المصريين الآن وهي تدخين' الشيشة'.. وكلنا يعلم أن للتدخين أثرا تراكميا علي حياة الإنسان وهو من الأسباب الرئيسية في سرطان الرئة والفم والحنجرة والبلعوم بل لقد ثبت أن له علاقة قوية بسرطان المثانة..
خامسا: من بين الأسباب أيضا التلوث بكل أنواعه ولهذا ينبغي أن نحافظ علي البيئة في المنازل والشوارع والأماكن العامة من أضرار وعوادم السيارات والمواد الكيماوية وتلوث المياه والأطعمة..
إن ذلك كله يؤثر علي الجهازين التنفسي والهضمي.. وأنا لا أبالغ إذا قلت إن نسبة الإصابة بمرض السرطان عندنا أقل من دول مثل أمريكا أو السويد والسبب هو توافر أساليب الاكتشاف المبكر في هذه الدول.. وفي النهاية أريد أن أؤكد علي جانبين رئيسيين:
أولهما: أن مصر ما زالت في الحدود الآمنة من حيث عدد الإصابات بهذا المرض الخطير..
ثانيهما: أن يعود المواطن المصري إلي الطبيعة مرة أخري وألا تغرينا مظاهر التطور الخداع لأن ذلك يحد من مشكلات صحية كثيرة.. إن استخدام المواد الطبيعية والطرق التقليدية في طهي الطعام وتجنب حفظ الطعام بوسائل خاطئة والحرص علي البيئة وعدم استخدام المبيدات كل ذلك يقلل من أورام الجهازين الهضمي والتنفسي وهما أخطر أنواع السرطان.. وبجانب هذا فالإصابة لبعض المشاهير بهذا المرض يترك أثارا سيئة علي المواطنين..
هذا ما قاله الوزير المسئول د. محمد عوض تاج الدين حول القضية..
ولكن تبقي هناك حصيلة ضخمة من الآراء والتعليقات أتوقف عند القليل منها خاصة أنها تشارك في التنبيه علي خطورة هذه المأساة..
يقول العقيد فهمي محمد علي ـ حدائق القبة: أدعوك إلي التجول في شوارع القاهرة وانظر إلي المواطنين من مختلف المستويات الثقافية والاجتماعية وهم يتوجهون إلي مطاعم الفول والطعمية لشراء الفول المدمس الساخن في درجة الغليان وهو في أكياس من البلاستيك وهذا يجعل الفول في حد ذاته مادة مسرطنة.. ولنا أن نتخيل الملايين الذين يفعلون ذلك كل يوم.. إن هذا لا يقتصر علي الأحياء الشعبية بل إن المصريين جميعا يستخدمون الفول الذي يباع في أكياس البلاستيك وهذا ينطبق أيضا علي حمص الشام الساخن الذي يباع في أكواب من البلاستيك كذلك محلات الكشري والوجبات السريعة التي تتبع أساليب البيع نفسها..
ولهذا ينبغي عمل توعية صحية بخطورة استخدام البلاستيك مع الطعام الساخن لأنه من الأسباب الرئيسية للسرطان..
وبجانب هذا ينبغي توعية المواطنين بأسباب انتشار المرض.. يشارك في ذلك الإعلام بكل وسائله وأئمة المساجد وفي الكنائس.. لتحذير الناس من استخدام البلاستيك مع الأطعمة الساخنة..
د. فاطمة الحناوي ـ أستاذ بطب عين شمس: إن السؤال الذي طرحته حول زيادة نسبة مرض السرطان بين الشباب يجب أن يوجه إلي جميع كليات الطب في مصر والمسئولين عن البيئة.. وينبغي أن تكون هذه المشكلة هي المشروع البحثي الأول لرسائل الماجستير والدكتوراه في هذه الكليات حتي ترتبط قضايا المجتمع الحقيقية بمجالات البحث العلمي في الجامعات..
د. هاني المليجي ـ مديرية الصحة بالدقهلية ـ يقول: هناك ظاهر غريبة تؤدي إلي انتشار هذا المرض منها الزيت المستخدم في قلي الطعمية فهو مجهول المصدر ومن مخلفات مصانع الشيبسي ولا يوجد اسم علي عبواته.. بل إنه يستخدم لعدة أيام متتالية ولهذا لابد من وجود رقابة صحية علي المطاعم..
يضاف إلي ذلك ما يحدث في مزارع الأسماك التي تستخدم فضلات الدواجن بعد ذبحها طعاما للأسماك كذلك استخدام الطيور والحيوانات النافقة وأيضا استخدام الهرمونات الغذائية.. وهذا يحدث في مزارع الأسماك والدواجن.. والفاكهة التي يتم رشها بالمبيدات السامة.. وهذا كله يحتاج إلي تنسيق بين وزارات الصحة والزراعة والري ومرافق المياه في المحافظات لمراقبة الكيماويات المستخدمة وعمل تحاليل للمياه التي يستخدمها المواطنون في الشرب ولا شك في أن تلوث مياه النيل بالمخلفات الكيماوية والصناعية والحيوانات الميتة كل ذلك ينعكس علي صحة المواطنين..
السيد جمال الدين محمود ـ القاهرة: الضوضاء لها آثارها المدمرة علي حياة الإنسان المصري.. ابتداء بمكبرات الصوت وانتهاء بالسيارات التي تجتاح البيوت.. هذا بجانب التلوث السمعي والبصري من السحابة السوداء والأتربة والرصاص الذي يتسلل إلي صدور أبنائنا..
مجدي عباس ـ العياط: يجب أن نعود إلي الزمن الجميل حيث كنا نضع الخضار والفاكهة خارج الثلاجات والآن فإن شراء الفاكهة المثلجة والخضار يؤثر تأثيرا سيئا علي صحة الناس.. هذا بجانب استخدام الكيماويات المخصبة ولهذا يجب أن نعود إلي السماد البلدي لأن المشكلة الآن أن كل ما نأكله ضار بالصحة..
علاء دياب ـ صيدلي: لي قريبان في الشرقية أصيبا بهذا المرض أحدهما عمره40 عاما وهو مهندس والثاني عمره19 عاما ويدرس الصيدلة.. إن كل واحد منهما كان يكلف أسرته10 آلاف جنيه شهريا كعلاج.. إنني أعيش خارج مصر ولا أدري ماذا يحدث الآن في الوطن الجميل..
ماجد حسني ـ محاسب مصري بالسعودية: المبيدات المسرطنة هي السبب بجانب الخضر والفاكهة.. ويجب أن يكون هناك حساب لمن سمحوا بذلك كله.. ولا أدري متي سيجيء يوم الحساب..
هذا بجانب أن هناك أسبابا أخري منها أبراج المحمول التي نراها أعلي البيوت.. وأغذية الأطفال والوجبات السريعة الجاهزة التي لا نعرف عنها شيئا.. مطلوب أن تعود الأسرة إلي نظام الوجبات المنزلية..
***
وما زال ملف هذه القضية الخطيرة مفتوحا..