لاحياة لمن تنادي

هوامش حرة

لاحياة لمن تنادي

يكتبها‏:‏ فاروق جـــويـدة









أحمل تقديرا عميقا للجهد الذي يقوم به الجهاز المركزي للمحاسبات برئاسة المستشار د‏.‏جودت الملط وهذه النخبة من رموز العمل الإداري المخلص‏..‏ واتابع منذ سنوات التقرير السنوي الذي يتقدم به الجهاز حول أداء الحكومة‏..‏ وفي الاسبوع الماضي عشت مع آخر تقرير قدمه د‏.‏الملط امام مجلس الشعب عن السنة المالية‏2004_2005‏ وكانت اول مفآجات التقرير ان الجهاز المركزي للمحاسبات يستغيث لأنه ارسل الي مجلس الشعب‏130‏ تقريرا رقابيا خلال العام الماضي ولا احد يعلم مصير هذه التقارير خاصة انها تتحدث عن أخطاء وتجاوزات واهدار للمال العام وهذا يعني أننا جميعا نصرخ ولايسمعنا أحد فإذا كان الجهاز الحكومي المسئول عن رقابة عمل الحكومة يقدم البيانات والارقام والملاحظات ولايجد استجابة‏..‏ فلمن تسمع الحكومة ؟‏!‏ ولمن يتحدث أعضاء مجلس الشعب؟‏!‏ ولماذا صمتوا عن هذه التقارير؟‏!‏ وماجدوي ذلك كله اذا كان الصمت والتجاهل وعدم الاهتمام هو التصرف الطبيعي امام قضايا الفساد؟‏!‏ ان الصحافة تصرخ وتكشف وتقول‏,‏ والاجهزة الرقابية تقدم الدلائل والبراهين ولكن الغريب في الامر حقا ان الأشياء لاتتغير‏..‏



ان تقرير د‏.‏ الملط يتحدث عن قضايا اثيرت من قبل ويتوقف عند ارقام تزلزل اركان الكون وليس الحكومة هناك ارقام مخيفة عن حجم التجاوزات في الانفاق الحكومي‏..‏ والديون الداخلية والخارجية‏..‏ واعباء الديون اليومية وليس السنوية أو الشهرية‏..‏ وهذا المسلسل من الارقام المزعجة لايحرك احدا علي الاطلاق بل ان هناك مايشبه الاصرار علي ان يبقي كل شيء علي حاله‏..‏



ولنقرأ ماجاء في التقرير‏..‏

‏*‏ ان حجم الانفاق الحكومي في الميزانية‏2004_2005‏ قد تجاوز الموارد بمبلغ‏5,61‏ مليار جنيه‏..‏ كانت الايرادات‏4,118‏ مليار جنيه بينما النفقات‏8,179‏ مليار جنيه‏..‏ وهذا يعني ان حجم الانفاق لايتناسب اطلاقا مع حجم الدخل ومن هنا تلجأ الحكومة الي تغطية هذا العجز بوسائل كثيرة‏..‏ اهمها الديون‏..‏ وهنا يؤكد التقرير‏..‏ ان الديون الخارجية بلغت‏9,28‏ مليار دولار اي مايعادل‏3,167‏ مليار جنيه مصري وان الديون الداخلية بلغت‏511‏ مليار جنيه وهذا يعني ان حجم الديون علي الدولة المصرية قد بلغ‏8,668‏ مليار جنيه‏..‏ ولاأدري لماذا تجاهل التقرير الرقم الاجمالي للديون مبلغ‏49‏ مليار جنيه هي فوائد متأخرة لبنك الاستثمار القومي لدي الحكومة‏..‏ وهذه الفوائد ينبغي ان تضاف الي صافي رصيد الدين الداخلي للحكومة حتي يظهر بقيمته الحقيقية وهذا يعني أن حجم الدين الداخلي والخارجي هو‏8,717‏ مليار جنيه وليس فقط‏8,668‏ مليار جنيه‏..‏ وهذه نقطة تحتاج الي توضيح فليس من المنطقي اسقاط‏49‏ مليار جنيه مستحقة لدي الحكومة حتي ولو كانت فوائد متأخرة لبنك الاستثمار‏..‏



ويمضي بنا مسلسل الديون في التقرير حيث يبلغ عبء الدين الداخلي والخارجي‏2,44‏ مليار جنيه سنويا وبذلك يبلغ نصيب كل مواطن من الدين‏7227‏ جنيها عليها اعباء وفوائد قيمتها‏625‏ جنيها سنويا عن كل فرد اي ان كل طفل مولود في مصر عليه اكثر من‏50‏ جنيها فوائد شهرية للديون فقط‏..‏



والغريب في الامر ان الحكومة لاتسدد شيئا من هذه الديون سواء الخارجية بالدولار او الداخلية بالجنيه المصري وهذا يعني زيادة أعباء هذه الديون بما يهدد مستقبل الأجيال القادمة



إن أخطر مافي التقرير ايضا ان الحكومة تؤجل سداد الاعباء المالية الملتزمة بسدادها وقد اجلت الحكومة حتي الآن سداد‏5,84‏ مليار جنيه تداخلت مع حسابات سنوات قادمة‏..‏ ولنا ان نتصور ديونا لاتسدد‏..‏ وفوائد تؤجل‏..‏ والتزامات لايدفعها احد‏..‏ اننا بذلك نمتهن الحاضر‏..‏ ونصادر المستقبل ونضع كل شيء امام كارثة الديون حتي ان التقرير يؤكد ان الزيادة في حجم الدين الداخلي بلغت حوالي‏20%‏ اي اربعة أمثال معدل النمو الاقتصادي البالغ‏9,4%‏ والاخطر من ذلك كله ان هذه الديون تستخدم في تمويل العجز وليس الاستثمار اي اننا نقترض من اجل نفقات حكومية لاحدود ولاضوابط لها‏,‏ خاصة ان الارقام تؤكد وجود تجاوزات في الانفاق بلغت‏13‏ مليار جنيه في صورة اجور وحوافز ونفقات جارية خارج حدود ارقام الميزانية‏..‏


*‏ يبلغ حجم الاستثمارات في الهيئات الحكومية‏430‏ مليار جنيه تحقق عائدا سنويا قدره‏9‏ مليار جنيه اي بنسبة عائد لاتتجاوز‏1,2%..‏ والاعجب من ذلك‏31‏ هيئة حكومية ساهمت بمبلغ‏7,10‏ مليار جنيه في الميزانية منها‏8,9‏ مليار جنيه من قناة السويس وحدها و‏900‏ مليون جنيه من‏30‏ هيئة وهذا يعني ان قناة السويس هي المؤسسة الوحيدة في مصر الآن التي تقدم دخلا ثابتا للدولة المصرية


*‏ عندما جاء الحديث في التقرير عن البطالة تضاربت الارقام ولكل جهة ارقامها لأن ارقام وزارة المالية تختلف عن ارقام الجهاز المركزي للإحصاء أو مركز المعلومات أو وزارتي التخطيط والاقتصاد‏,‏ ولكن المهم ان نسبة البطالة بلغت‏2,11%‏ وهذا ايضا ماحدث في ارقام معدلات التضخم والاسعار والنمو‏..‏ ولعل هذا ما جعل الجهاز المركزي للمحاسبات يطالب الحكومة بأرقام حقيقية حيث تختلف بين وزارة واخري رغم اننا نسمي الحكومة الحالية حكومة التكنولجيا وكمبيوتر لكل مواطن‏..‏



بقيت بعض الملاحظات حول هذا التقرير الخطير‏:‏

‏*‏ لاادري علي اي اساس يتم توزيع الديون الخارجية والداخلية علي سكان مصر المقيمين والمهاجرين‏..‏ واذا كان هناك ملايين المصريين الذين تركوا البلد منذ سنوات ونسيتهم وربما نسوها ايضا كيف نضعهم في قائمة المواطنين عند تقسيم الديون‏..‏ واذا لم نكن تذكرناهم في افراحنا فهل نذكرهم في ديوننا‏..‏ ينبغي ان نتركهم هناك وتكفيهم آلام الغربة وتكفينا نحن كارثة الديون‏.‏


*‏ لم يذكر التقرير في كل صفحاته شيئا عن اموال الخصخصة ولاادري علي أي اساس تجاهل الجهاز المركزي للمحاسبات بيع مشروعات القطاع العام من الشركات والبنوك والاراضي والعقارات ؟‏!‏واين هذه الأموال؟‏!‏ وماهي قيمتها ومدي الشفافية في التعامل مع هذه الارقام؟‏!‏ ولعل السؤال الأخطر ماهو البند الذي دخلت فيه أموال الخصخصة وماهي المجالات التي انفقت فيها وكم بلغ حجمها حتي الأن‏.‏ ان تجاهل ارقام بيع القطاع العام واصول الدولة المصرية بهذه الصورة يدعو للتساؤل خاصة ان هناك قصصا وحكايات كثيرة حول هذه القضية ابتداء ببيع عمر افندي وارض التحرير وانتهاء ببنك الاسكندرية وبقية البنوك المبيعة‏..‏


*‏ لم يذكر التقرير ايضا شيئا عن الالتزامات التي تحملتها الحكومة في تسويات رجال الاعمال مع البنوك أو اسقاط جزء من هذه الديون أو حصة مصرفي البنوك الاجنبية الا اذا اعتبرنا ان الحكومة تتعامل الآن بمنطق الجزر حيث توجد جزيرة للخصخصة واخري لتسويات البنوك وثالثة للديون‏..‏ ورابعة للأرقام المضروبة‏.‏ يبدو انه لاحياة لمن تنادي‏.‏




..‏ ويبقي الشعر





وجه جميل‏..‏

طاف في عيني قليلا‏..‏ واستدار

كان الوداع يطل من رأسي

وفي العينين ساعات تدق

وألف صوت للقطار



ويلي من الوجه البريء

يغوص في قلبي فيؤلمني القرار

لم لا اسافر



بعد أن ضاقت بي الشطان وأبتعد المزار ؟‏!..‏

يا أيها الوجه الذي ادمي فؤادي

أي شيء فيك يغريني بهذا الانتظار‏..‏ ؟



مازال يسكرني شعاعك

رغم أن الضوء في عيني نار

أجري فألمح ألف ظل في خطاي



فكيف أنجو الآن من هذا الحصار‏..‏ ؟

لم لا أسافر ؟

ألف أرض تحتويني‏..‏ ألف متكأ‏..‏ ودار

أنا لا أري شيئا أمامي



غير أشلاء تطاردها العواصف والغبار









Mostafa Abdel-Hafeez

طالب بكلية الخدمة الإجتماعية جامعة الفيوم هاوي قراءة الشعر والمقالات

أحدث أقدم

Blog ads