عتاب لرئيس الحكومة

هوامش حرة

عتاب لرئيس الحكومة

يكتبها‏:‏ فاروق جـــويـدة



قد نختلف حول شطط وتجاوزات بعض الصحف المستقلة‏..‏ وقد نتفق علي أنها في أحيان كثيرة تجاوزت سقف الحوار‏..‏ وأنها عالجت الكثير من القضايا بصورة افتقدت الموضوعية‏..‏ ولكن في الجانب الآخر لا ينكر أحد أنها كشفت الكثير من الأخطاء وطاردت الفساد في أوكاره وأعطت للصحافة المصرية طعما جديدا ومذاقـا شابا أضاف لها الكثير من الوهج والبريق‏..‏



أنني أختلف كثيرا مع بعض معالجات هذه الصحف علي المستوي المهني والأخلاقي خاصة في بعض القضايا الحساسة ومنها العلاقة بين المسلمين والأقباط‏..‏ أو في التعرض للحياة الخاصة للمسئولين و المشاهير أو في أسلوب المخاطبة ولغة الحوار حيث ينبغي أن يكون لكل شيء حدود‏..‏ ولكن هذا كله لا يلغي دور هذه الصحف وتأثيرها في الشارع المصري‏..‏



أقول ذلك وعندي عتاب للدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء‏..‏



لقد تمنيت وأنا أشاهد اجتماع رئيس الحكومة مع رؤساء تحرير الصحف القومية في الإسكندرية في الأسبوع الماضي لو أن هذا الاجتماع جمع كل رؤساء تحرير الصحف المستقلة والصحف الحزبية‏..‏ وعندي من الأسباب ما يجعلني أقول أن هذا حق لهذه الصحف وواجب علي رئيس الحكومة‏..‏



أولا‏:‏ أن هذه الصحف تصدر في مصر وتكتب للمصريين وأصبحت الآن تتمتع بوجود حقيقي في الشارع المصري ومن بين كتابات هذه الصحف انتقادات للحكومة وخلافات في الرأي حول إنجازاتها أو أخطائها‏..‏ وهنا ينبغي أن يسمع رئيس الحكومة رأي المسئولين في هذه الصحف حتي لو اختلفوا معه‏..‏ لأن أساس الحوار أن تختلف وجهات النظر لكي نصل إلي قناعات مشتركة‏..‏ وإذا كانت مسئولية الصحافة أن تكتب فإن واجب الحكومة أن توضح وأن تكشف الحقائق‏..‏ وهذا ما نفتقده الآن في علاقتنا بالحكومة أن الصحافة تنتقد ولكن الغريب حقـا هو صمت الحكومة وتجاهلها لما تكتبه الصحافة وهذا يوسع المسافة بين الطرفين لأن القضية ليست مجرد كتابات للتسلية أو توزيع الصحيفة ولكن هدفنا جميعا هو الإصلاح‏..‏ وعندما تتجاهل الحكومة ما تكتبه الصحافة بهذه الصورة فهذا يمثل خللا في العلاقة بين السلطتين إذا جاز لنا أن نعتبر الصحافة سلطة رابعة‏..‏



ثانيا‏:‏ كنت أتمني أن يسمع رؤساء تحرير الصحف المعارضة والمستقلة آراء رئيس الحكومة في كثير من القضايا التي تتعلق بسياسة الحكومة وبرامجها وأن يرد د‏.‏ نظيف علي تساؤلات كثيرة مطروحة في الشارع المصري حول برنامج الخصخصة وبيع بنك القاهرة والعجز في الميزانية‏..‏ والديون وقضايا الفساد التي نقرأ عنها كل يوم‏..‏ وأن توضيح الحقائق لرؤساء تحرير هذه الصحف هو أول خطوة لعلاقة مباشرة يسودها الاحترام بين الحكومة والصحافة‏..‏ وفي نفس الوقت يمكن بعدها الحساب مهنيا وأخلاقيا‏..‏ ولكن التجاهل يؤدي إلي القطيعة والقطيعة تصل بنا إلي طريق مسدود حيث الصراخ والصمت والتجاهل والغريب في الأمر أن الدكتور نظيف كان يجتمع برؤساء تحرير هذه الصحف في أول عهده بالوزارة‏..‏ فما الذي تغير‏..‏ وما هي أسباب هذا التغيير‏..‏



إن الأخطر من ذلك أن الحكومة تتجاهل الصحف الحزبية رغم أنها تمثل أحزابا سياسية رسمية تعترف بها الدولة وتسمح لها بخوض الانتخابات وترشيح ممثليها لرئاسة الجمهورية وتقدم لها الدعم المالي‏..‏ فلماذا يكون هذا التناقض في موقف الحكومة بين أحزاب تقبلها وصحافة ترفضها‏..‏



ثالثـا‏:‏ أن رئيس مجلس الوزراء رئيس حكومة كل المصريين وأن من واجبه وضرورات عمله ومسئولياته أن يسمع كل الاراء حتي ولو عارضته وأن الحديث عن الديمقراطية لا ينبغي أن يكون فض مجالس ولكن أن يقدم رئيس الحكومة القدوة والنموذج‏..‏



أن د‏.‏نظيف ليس عدوا لأحد ولا توجد صحيفة من هذه الصحف تعارضه لشخصه ولكنها خلافات في الرأي والمواقف حول سياسات وقضايا وأمور تخص الوطن‏..‏ ولهذا ينبغي أن تتسم العلاقة بين الطرفين بالشفافية والحرص علي الصالح العام‏..‏



أن رئيس الوزراء في أي دولة أوروبية يحاور الجميع معارضين ومؤيدين‏..‏ ويرد علي من يرفضه قبل أن يرد علي من يقف معه‏..‏ وهذه هي الديمقراطية الحقيقية إذا كنا نريدها‏..‏



رابعا‏:‏ أن هذه القطيعة وهذا التجاهل للصحف الحزبية والصحافة المستقلة خسارة للجميع‏..‏ أن الحكومة تخسر كثيرا إذا لم توضح مواقفها وسياساتها‏..‏ أمام قراء هذه الصحف‏..‏ وهذه الصحف تخسر الكثير عندما لا تعرف الحقيقة لكي تنقلها للناس‏..‏ والشعب يخسر بين الطرفين لأنه كثيرا ما يتساءل أي الأطراف علي حق؟‏..‏ ولاشك أن حضور رؤساء تحرير هذه الصحف لقاءات مع رئيس الحكومة سوف يضيف لكل هذه الأطراف خاصة أنه لا توجد في الأساس حساسيات شخصية أو تصفية حسابات أو مشاكل بين رئيس الحكومة والمسئولين في هذه الصحف‏..‏



والأهم من ذلك كله أن الرئيس حسني مبارك كثيرا ما دعي عددا من رؤساء تحرير هذه الصحف في لقاءات متعددة واصطحبهم في الكثير من رحلاته الخارجية ووضع بذلك تقليدا جديدا لعلاقة الدولة بالصحافة المستقلة أو الصحافة الحزبية وهو تقليد محمود كان محل تقدير من الجميع‏..‏



أنني أعلم ان مساحة الخلاف بين الحكومة وبعض هذه الصحف قد اتسعت كثيرا ولكن هذا هو ثمن الديمقراطية الحقيقية‏..‏ وفي تقديري أن الزمن وحده هو القادر علي تصفية هذه التجربة من شوائبها وتجاوزاتها وأخطائها وأن الدولة يجب أن تفتح صدرها وتشجع من جانبها لغة الحوار وأن تقدم النموذج حتي لو تجاوز الآخرون وأن يدرك الجميع أننا في سفينة واحدة حكومة ومعارضة أحزابا ومستقلين وأن مصر تحتاجنا جميعا فكرا وعملا وحوارا‏..‏



إن مشاكل مصر وأزماتها أكبر من الحكومة وأكبر من الحزب الوطني وأكبر من المعارضة بكل أطيافها أنها أكبر منا جميعا إذا لم تتحد إرادتنا وقدرتنا علي المواجهة ونختار الحوار طريقـا للحل بعيدا عن كل الحساسيات والخلافات والمصالح‏..‏








ويبقي الشعر



ما أجمل أن تجد امرأة

تتلاشي فيك وتسكـنـها كطيور النـهر

وتـراها ترقص فوق الموج



كأغـنية عانقها الـبحر

تخفيك ضياء في الـعينـين

وتسمعها كدعاء الفـجر



وتخاف عليـك من الدنـيـا

ومن الأيـام وغدر الدهر

في ليـلة حزن وحشيه



ما أجمل أن تجد امرأة

توقظ أفراحا منسيه

وتعيد ليالي ورديه



في رحـلة عمر مكتـوبه

أجلس أحيانـا في سأم

أنظر في كأس مسكوبه



قطرات قد بقيت فيها

ما عادت كأسي مرغوبه

أجد الأحلام تراوغني



تبدو أحيانـا مصلوبه

تبدو أحيانـا مغلـوبه

ما أسوأ أن تلقي زمنـا



بعيون ثكلي‏..‏ مثــقـوبه

زمن الأشياء المقلوبه

زمن بهمومي يتسلــي



وربيع زهور قد ولــي

في عيني لـؤلـؤة نامت

والكون شموع تتدلــي



ما أجمل أن تجد امرأة

بدرا بسمائك يتجلــي

في ليـلة عشق صيفيه


'‏من قصيدة في ليلة عشق سنة‏2001'‏

Mostafa Abdel-Hafeez

طالب بكلية الخدمة الإجتماعية جامعة الفيوم هاوي قراءة الشعر والمقالات

أحدث أقدم

Blog ads