خطايا الرئيس بوش

هوامش حرة

خطايا الرئيس بوش

يكتبها‏:‏ فاروق جـــويـــدة



لا يوجد مسئول في العالم أساء لشعبه كما فعل الرئيس بوش طوال سنوات حكمه‏..‏ وبعد أكثر من مغامرة يقف الرئيس الأمريكي الآن في آخر سنوات رحلته في البيت الأبيض يجني ثمار أخطاء جسيمه خسرت فيها القوة العظمي هيبتها وتأثيرها أمام شعوب العالم‏..‏



يقف الرئيس بوش علي أطلال سنوات حكمه بكل ما شهدتها من مغامرات غير محسوبة ابتداء باحتلال العراق وغزو أفغانستان وانتهاء بفشل ذريع في التعامل مع قضايا العالم خاصة ما سمي بقضية الإرهاب‏..‏



والواضح في سنوات حكم الرئيس بوش أن الرجل كان أصغر كثيرا من المكان الذي جلس فيه والمكانة التي دفعته الأقدار إليها ليكون رئيسا لأكبر دولة في العالم‏..‏ كانت قدرات الرئيس بوش الفكرية والسياسية وحتي الذهنية أقل بكثير من موقع القيادة الذي أصبح فيه مسئولا عن السياسة العالمية يعبث فيها كما يشاء ويفعل فيها ما يريد‏..‏ ولهذا دفع الشعب الأمريكي ثمنا غاليا لاختيار خاطيء وثقة في غير مكانها‏..‏



أن أمريكا التي فتحت أبوابها يوما لشعوب الأرض تحت شعار جذاب وبراق ومؤثر هو الحرية وحقوق الإنسان والمجتمع الذي لا يفرق بين جنس أو دين أو عقيدة تقف الآن حائرة بعد أن أصابتها أمراض الشك والظنون من كل قادم إليها‏..‏ وأمريكا التي منحها الله سبحانه وتعالي موارد تكفي نصف الكرة الأرضية ظلت سنوات تنعم بإستقرار لم تعرفه دولة أخري في العالم‏..‏ إنها من حيث المساحة تملك قارة كاملة‏..‏ ومن حيث الموارد تملك موارد استغنت بها عن العالم كله‏..‏ ومن حيث البشر‏..‏ استطاعت أن تجمع في سنوات نهضتها أعظم العقول في العالم سواء أخذتها من الدول النامية أو دول أوربا المتقدمة‏..‏ ولا يوجد جنس بشري ليس له مكان في أمريكا‏..‏ فالكل هناك‏..‏



كانت أمريكا دائما تعيش صراعا كبيرا بين أن تنفتح علي العالم أو تغلق أبوابها علي نفسها‏..‏ ولكنها حسمت هذا الخيار عندما أنقذت أوربا من الطغيان النازي ودخلت الحرب العالمية الثانية وجربت مرارتها وحلاوتها أيضا سواء في خسائرها في بيرل هاربر أو جنونها في هورشيما ونجازاكي أو مكاسبها السياسية والعسكرية في ميراثها للقوي العظمي التي رحلت‏:‏ انجلترا وفرنسا‏..‏



أن أمريكا وطن شاب عمره قصير ولا يحمل أمراض التاريخ وشيخوخة الزمن بإستثناء بعض الصفحات السوداء في تاريخ أبادة الهنود الحمر أو تجارة الرقيق وجنون أول تفجير نووي في التاريخ‏..‏



هذه الصورة التي حملتها أمريكا للعالم وظلت حريصة عليها حتي في أشد لحظات تاريخها اندفاعا في الحرب الباردة اختلفت تماما في السنوات القليلة الماضية التي استطاع فيها الرئيس بوش أن يحقق أكبر الخسائر في الرصيد السياسي والاقتصادي والإنساني للشعب الأمريكي‏..‏ وما أكثر خطايا الرئيس بوش في حق شعبه وحق العالم خاصة العرب والمسلمين‏..‏ لا يوجد رئيس أمريكي أساء للعلاقات بين أمريكا والعالم العربي والإسلامي كما فعل الرئيس بوش‏..‏ وفي سجل الخطايا سوف يحصد الرئيس بوش رصيدا ضخما أمام محاكم التاريخ‏:‏



‏-‏ إن الرئيس بوش وبلا أسباب موضوعية فتح نيرانه علي العرب والمسلمين منذ دخل البيت الأبيض‏..‏ وساعده علي ذلك أحداث‏11‏ سبتمبر التي أدانها المسلمون في كل مكان‏..‏ والغريب أن الرئيس الأمريكي زرع وهما لدي المواطنين من أبناء شعبه عن أن الإسلام هو العدو القادم الذي يسعي إلي تدمير الحضارة الغربية لإقامة إمبراطورية إسلامية من أندونيسيا إلي أسبانيا علي حد تعبيره‏..‏ ونسي الرئيس بوش في حملة عدائه للمسلمين الظروف التاريخية التي تعرضت لها هذه الأمة ما بين حكام طغاة ونظم قمعية متسلطة واستعمار بغيض ونهب لثروتها ومواردها وفقر وجهل ومرض‏..‏ كان الأولي بالرئيس بوش أن يطالب بحياة كريمة لهذه الشعوب من خلال حقها في استخدام مواردها وتحقيق أحلامها في الحرية والعدالة‏..‏ ولو أنه توقف قليلا عند شركات البترول والعمولات وصفقات السلاح التي لم تنطلق منها رصاصة واحده وتكاليف الجيوش والأمن من أجل حماية أنظمة متسلطة لأدرك أنه أخطأ الهدف وحارب قضية خاسرة‏..‏



‏-‏ إن الرئيس بوش يعلم تمام العلم أن أساس المشكلة في العالم العربي والإسلامي هو زرع إسرائيل في قلب المنطقة بدعم غربي أعمي‏..‏ ورغم الوعود الكثيرة التي وعد بها الشعب الفلسطيني فإنه لم يف بوعد واحد‏..‏ بل إنه دخل هو شخصيا في مسلسل للعداء ضد الفسلطينيين‏..‏ رفض أن يلتقي برمز تاريخي كبير في حجم ياسر عرفات وسمح لشارون أن يقتحم المسجد الأقصي وأن يمارس أضخم الأعمال الوحشية ضد الشعب الفلسطيني وسمح بإقتحام الأراضي الفلسطينية‏..‏ ثم رفض التعامل مع حماس رغم إنها جاءت بإرادة شعبية وفي النهاية أجل الرئيس بوش أكثر من وعد بإعلان قيام الدولة الفلسطينية بجانب إسرائيل‏..‏ لم يطلب العرب والمسلمون من الرئيس الأمريكي أن يعاملهم كما يتعامل مع إسرائيل ولكن حينما تتنكر أكبر دولة في العالم لقوانين العدالة الدولية والتعامل مع الشعوب فإنها تخسر الكثير‏..‏



‏-‏ أخترع الرئيس بوش أكذوبة أسلحة الدمار الشامل لكي يحتل وطنا عربيا والغريب أن بوش الذي يدعو لدول علمانية ويخشي من الإسلام والإسلاميين أختار الدولة العربية الوحيدة العلمانية لكي يحتل أراضيها‏..‏ وكانت خطيئة الرئيس بوش الكبري هي دخول مستنقع الدم العراقي‏..‏ ومهما كانت الأموال التي نهبها الجيش الأمريكي من العراق بترولا أو أثارا أو أموالا‏..‏ ومهما كانت المكاسب السياسية التي حققتها الإدارة الأمريكية علي حساب أصدقائها وأعدائها في وقت واحد فإن خسائر أمريكا في العراق هي أكبر صفعة لدولة كبري أمام شعب يدافع عن أرضه وترابه‏..‏ إن عار العراق وآلاف القتلي والشهداء لعنة ستطارد الرئيس بوش في قبره وبعد أن يحصي الشعب الأمريكي نعوش قتلاه في العراق وخسائره الرهيبة وما تركه في وطن مسالم من آلاف الضحايا الأبرياء سيكون هناك وقت للحساب ولن يكون هذا الحساب في صالح الرئيس بوش بأي حال من الأحوال‏..‏



‏-‏ لا أحد يختلف مع الرئيس بوش في أن الإرهاب ظاهرة عالمية خطيرة ولكن هذا الشبح الذي أطلقه الرئيس الأمريكي قابع في كل بلاد الدنيا بما فيها أمريكا نفسها ولهذا كان الخطأ أن يربط الرئيس بوش بين الإسلام والإرهاب‏..‏ أن روح العداء التي غرستها الإدارة الأمريكية بين الغرب كل الغرب والإسلام كانت خطيئة كبري شارك فيها الجميع ابتداء بالرئيس بوش نفسه وانتهاء ببابا الفاتيكان ولا أحد يعلم ما هو مصير هذا الصراع وإلي أين سيحمل العالم في ظل العداء السافر والاحتقان الشديد في موقف شعوب العالم بإختلاف دياناتها‏..‏



لقد كانت هناك أراء كثيرة تؤكد أن أمريكا هي سيدة العالم لسنوات كثيرة قادمة وأنها باحتلال العراق وأفغانستان وحصارها للشعوب العربية والإسلامية واستغلالها للبترول والسيطرة عليه سوف تحكم العالم عقودا قادمة‏..‏ ولكن الأحداث جاءت علي غير ما توقع الجميع‏..‏ خسرت الحرب في العراق وأفغانستان وفقدت هيبة الدولة التي تملك جيش العصر وحضارة العصر وجبروت القوة‏..‏ خسرت شعوبا كثيرة كانت تري في النموذج الأمريكي الليبرالي الحر صورة زمان قادم يحقق لشعوب العالم الرخاء والأمن والاستقرار والحرية‏..‏ خسرت الأمم المتحدة دورها أمام الطغيان الأمريكي وأختلت موازين العدالة الدولية مع سقوط رمزها‏..‏ وقبل هذا كله فإن الشعب الأمريكي سوف يسأل يوما ماذا أخذنا من الخروج إلي العالم بحروبه ومعاركه وتصفياته رغم أننا قادرون علي أن نحقق حلم الاكتفاء في بلادنا في كل شيء‏..‏ ولابد أن يجد الإجابة ولكن بعد أن تهدأ العواصف‏..‏



ويبقي الشعر





اخرج لتـلـقي يا عدو الله

حتـفـك في المصير المؤلم

وانـظـر لقبرك إنه الطـوفـان

يلـعن كـل عهد مظـلم



لم يبق من ثـوار هذا العصر

غير جماجم القـتـلي

 وصوت الجوع

 والبطـش العمي

صارت نياشين الزعامة في عيون الناس

جلادا‏..‏ ونهرا من دم

قـد خـدرونا بالضلال



وبالأماني الكـاذبات‏..‏

وبالزعيم الـملـهم‏..‏

ماذا تـقـول الآن يا قلـبـي‏..‏ أجب‏..‏ ؟



من كـان في عينـيك يوما ثائرا

الآن أصبح في سجل القهر أكبر مجرم
 
 
Mostafa Abdel-Hafeez

طالب بكلية الخدمة الإجتماعية جامعة الفيوم هاوي قراءة الشعر والمقالات

أحدث أقدم

Blog ads