رسالة من وزير العدل

هوامش حرة



رسالة من وزير العدل



بقلم: فاروق جـــويـدة



منذ أسبوعين تقريبا تناولت في هذه المكان ظاهرة خطيرة انتشرت في ربوع مصر في الفترة الأخيرة وهي الارتفاع الرهيب في أسعار الأراضي الزراعية خاصة الأراضي الطينية‏,‏ وقلت يومها إن الظاهرة تحتاج إلي رصد أمين‏,‏ لأن هناك من يعتقد أن وراء ذلك أيادي خفية وأن الظاهرة ليست مقصورة علي البيع والشراء بين المصريين لأن هناك أيضا من يدفع الملايين لشراء الأراضي من غير المصريين‏..‏



وتساءلت هل هناك من يتابع مثل هذه الأنشطة في أجهزة الدولة المختلفة أم أننا في زحمة المزادات والبيع والشراء والخصخصة لا يعنينا غير أن نجمع أكبر قدر من الأموال حكومة وأفرادا حتي وإن اكتشفنا بعد فوات الأوان أننا نبيع أشياء لا ينبغي أن تباع‏..‏ وحول هذه القضية وصلتني رسالة من المستشار ممدوح مرعي وزير العدل يوضح فيها بعض جوانب القضية‏..‏



يقول الوزير في رسالته‏:‏



السيد الاستاذ‏/‏ فاروق جويدة

تحية طيبة‏.....‏ وبعد‏,‏ فقد قرأت باهتمام مقالكم القيم بجريدة الأهرام بعددها الصادر يوم الجمعة‏2007/1/15‏ تحت عنوان‏'‏ حمي شراء الأراضي‏'‏ وأود في البداية أن أعبر لكم عن عظيم تقديري وامتناني لاهتمامكم المشهود بموضوع الملكية العقارية في مصر لما تمثله هذه الملكية من قيمة بالنسبة للفرد والمجتمع لم ينتقص منها التطور الحديث في أنواع التملك الأخري سواء في المنقولات أو الأوراق المالية بأنواعها المختلفة‏.‏



وبالنسبة لما تضمنه المقال عن تملك الأجانب للأرض وتركزها في الأراضي الطينية النيلية‏,‏ فأود أن أوضح أنه بالنسبة لملكية الأرض الزراعية في مصر فإن القانون رقم‏15‏ لسنة‏1963‏ لا يجيز تملك غير المصريين لهذه الأرض ولا يوجد في سجلات الشهر العقاري أي محررات مسجلة لصالح غير المصريين عن أراضي صادر لها تكليف زراعي‏.‏



وأما بالنسبة للأراض الصحراوية والقابلة للاستصلاح فقد أجازت المادة‏(12)‏ من القانون رقم‏143‏ لسنة‏1981‏ والمعدلة بالقانون رقم‏55‏ لسنة‏1988_‏ سواء للأفراد أو الشركات المتمتعين بجنسية إحدي الدول العربية فقط دون غيرهم‏_‏ تملك الأراضي الصحراوية والقابلة للاستصلاح‏..‏ وأجازت المادة‏28‏ ق‏8‏ لسنة‏1997‏ بضمانات وحوافز الاستثمار لمجلس الوزراء أن يصدر قرارا بتخصيص الأراضي المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة للشركات والمنشآت التي تقام في مناطق معينة في المجالات المحددة في المادة‏(1)‏ من هذا القانون بدون مقابل‏,‏



ومن هذه المجالات استصلاح واستزراع الأراضي البور والصحراوية والإنتاج الحيواني والداجني والسمكي والصناعة والتعدين والفنادق‏...‏ الخ وهذه المجالات هامة لتطوير وتنمية الاقتصاد القومي وتحتاج إلي تحفيز الاستثمارات المختلفة فيها‏.‏ أما بالنسبة للعقارات المبنية فقد اجاز القانون رقم‏230‏ لسنة‏1996‏ تمليكها لغير المصريين بقيود معينة أهمها ألا يزيد العقار عن وحدتين وألا يجاوز مسطح الوحدة‏400‏ م‏2‏ وتسجل الملكية بعد موافقة الجهات الأمنية علي التصرف وقد بلغت المحررات المسجلة عن هذه الملكية في العامين الماضيين‏223‏ و‏188‏ مشهرا فقط وكلها عن وحدات لازمة لسكني ملاكها وفي أماكن متفرقة بالجمهورية معظمها بمدينة القاهرة‏.‏

وتفضلوا بقبول احترامي‏...,,‏



‏****‏

وأنا من جانبي أشكر السيد المستشار ممدوح مرعي وزير العدل علي هذه الرسالة خاصة أنني تلقيت تعقيبات كثيرة من المواطنين حول الأرقام الفلكية التي وصلت إليها أسعار الأراضي الزراعية‏..‏ والغريب في هذه الرسائل أن الظاهرة تجتاح كل محافظات مصر تقريبا في الدلتا والصعيد وأن الأسعار وصلت في بعض المناطق إلي أكثر من مليون جنيه للفدان الواحد‏..‏ وأن هناك حلقات مفقودة في عمليات البيع والشراء خاصة بعض الأسماء المجهولة التي تشتري مساحات كبيرة من الأرض‏..‏ وأن عددا كبيرا من المصريين الذين سافروا أخيرا إلي أوروبا يشترون مساحات كبيرة من الاراضي وبأسعار فلكية‏,‏ ولا أحد يعلم مصادر تمويل هذه الصفقات‏.‏



تبقي عندي بعض الملاحظات التي أضعها أمام المستشار ممدوح مرعي وزير العدل‏..‏



أولي هذه الملاحظات أننا جميعا نعلم أن صكوك الملكية في معظم الأراضي الزراعية الطينية بصفة خاصة غير مسجلة وهي ملكيات ثابتة تحكمها عقود عرفية ولا أدري كيف يمكن تقنين هذه الأوضاع بحيث تستطيع الدولة تسجيل هذه الأرضي رسميا خاصة أن عقود البيع العرفية قد لا تلتزم تماما بمواد القانون الذي يمنع بيع هذه الأراضي للأجانب‏..‏ والسؤال الثاني هل تعتبر عقود البيع العرفية وثيقة يعتد بها أمام القضاء والتحكيم الدولي إذا لزم الأمر واكتشفنا أن هناك عمليات بيع عرفية تمت لحساب الأجانب‏..‏ وهل تصبح في مثل هذه الحالة ذات صفة ملزمة للحكومة المصرية‏..‏



السؤال الثالث‏..‏ ماذا لو تم بيع مساحات من هذه الأراضي في ظل توكيلات للأشخاص‏,‏ وهل يمكن أن يكون ذلك وثيقة ملكية عرفية صحيحة‏..‏ أن‏70%‏ من أراضي مصر الزراعية بملكيات عرفية وعقود مدنية وأخطر ما في ذلك أنها بعيدة عن عيون أجهزة الدولة المسئولة‏..‏ لقد تلقيت رسائل عديدة من أكثر من مكان يؤكد فيها أصحابها أن عمليات بيع وشراء الأراضي تسبب الآن إزعاجا شديدا في القري والنجوع‏,‏ ومازلت أعتقد أن بعض المحافظات ومنها محافظة الفيوم تشهد صراعات دامية لشراء الاراضي ومضاربات ومعارك أدت إلي زيادة مخيفة في الأسعار‏..‏



وهناك نقطة مازلت أطالب ببحثها علي كل المستويات وهي سؤال يطرح نفسه هل يشتري الإسرائيليون الأراضي في مصر وما الذي يؤكد ذلك كذبا أو حقيقة‏..‏ لقد رضينا طواعية أن نربي في البيت ثعبانا وأن نترك مع القطيع ذئبا‏..‏ ولا ينبغي أن نأمن من لا أمان له‏..‏ إن الدولة تؤكد أن القانون يمنع البيع للأجانب‏..‏ ولكن هناك مؤشرات أخري تحمل لنا مخاوف كثيرة والأمر في كل الحالات لا ينبغي أن يستند فقط إلي القوانين التي تمنع‏..‏ ولكن الأمر يتطلب وعيا كاملا بخطورة ذلك علي المستوي الشعبي والرسمي في وقت واحد‏..‏



بقيت بعد ذلك نقطة أخيرة وهي دور الدولة في إشعال أسعار الأراضي من خلال المزادات التي شهدت مضاربات رهيبة حاولت الدولة من خلالها أن تجمع بعض المال فأشعلت النيران مثل الذي أراد أن يشعل مصباحا فأحرق البيت كله‏..‏ وما بين أراض وزعتها الحكومة علي المحاسيب بلا مقابل أو بمقابل زهيد‏..‏ وأراض أخري تضارب في أسعارها الآن يقف سوق الاراضي في مصر غامضا لا يكشف عن أسراره وخباياه وهذا أخطر ما في هذه القضية‏..‏



‏..‏ ويبقي الشعر

غـنـيت للقـدس الحبيبة أعذب الألحان

وانساب فوق ربوعها شعري

يطـوف علي المآذن‏..‏

والكنـائس‏..‏ والجـنـان

القدس ترسم وجه‏((‏ طـه‏))‏ والملائك حوله

والكون يتلو سورة‏((‏ الرحمن‏))‏



القدس في الأفق البعيد

تطل أحيانـا وفي أحشـائها

طيف المسيح‏..‏ وحوله الرهبان

القدس تبدو في ثياب الحزن

قنديلا بـلا ضوء‏..‏

بـلا نبض‏..‏ بلا ألوان‏..‏

تـبـكي كثيرا

كـلـما حانت صلاة الفجر‏..‏

وانطفأت عيون الصبح

وانطلق المؤذن‏..‏ بالأذان



القدس تسأل‏:‏

كيف صار الابن سمسارا وباع الام

في سوق الهوان بأرخص الأثمان

صوت المآذن‏..‏ والكنائس لم يزل

في القدس يرفـع راية العصيان‏..‏

الله أكبر منك يا زمن الهوان



Mostafa Abdel-Hafeez

طالب بكلية الخدمة الإجتماعية جامعة الفيوم هاوي قراءة الشعر والمقالات

أحدث أقدم

Blog ads